الكوفة بمشهده الآن الذي هو أول طور سيناء، وقطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليما، وقدس عليه عيسى تقديسا، واتخذ عليه إبراهيم خليلا، واتخذ محمدا صلى الله عليه وآله حبيبا، وجعله للنبيين مسكنا، وأنه ما سكن فيه بعد أبويه الطيبين آدم ونوح أكرم من أمير المؤمنين عليه السلام، وقبره ما بين صدر نوح ومفرق رأسه، ومن زاره عارفا بحقه غير متجبر ولا متكبر كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبعث من الآمنين، وهون عليه الحساب، واستقبله الملائكة، فإذا انصرف شيعوه إلى منزله، فإن مرض عادوه، وإن مات شيعوه بالاستغفار إلى قبره، ومن زاره عارفا بحقه كتب الله له بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة، وأنه ما تطعم النار قدما تغبرت في زيارته ماشيا كان أو راكبا، وقال يونس بن أبي وهب القصري (1) (دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له أتيتك ولم أزر قبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال بئسما صنعت، لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره الله تعالى مع الملائكة، وتزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون، قلت: جعلت فداك ما علمت ذلك، قال: فاعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام عند الله تعالى أفضل من الأئمة كلهم، وله ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فضلوا) الحديث.
ومنه يستفاد كراهة ترك زيارته لمن تمكن منها، وقال الصادق عليه السلام (2) (ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة، وأنه لينزل كل يوم سبعون ألف ملك ويأتون البيت المعمور فيطوفون به، فإذا هم طافوا نزلوا فطافوا بالكعبة، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي صلى الله عليه وآله فسلموا عليه ثم أتوا قبر أمير المؤمنين عليه السلام فسلموا عليه ثم أتوا قبر الحسين عليه السلام فسلموا عليه ثم عرجوا، وينزل مثلهم إلى يوم القيامة) الحديث، وقال عليه السلام أيضا (3): (لا يلوذ بقبره ذو عاهة إلا شفاه الله)