الأول يصدق ضرورة أنه قضاء عن الفاسد الذي كان هو حجة الاسلام، بخلاف الثاني فإنها تكون هي حجة الاسلام لا قضاء عن الفاسد وإن قلنا بكونه موجبا للقضاء، لما عرفت من الاجماع المحكي على تقديم حجة الاسلام عليه، فهو حينئذ حج إسلام لا قضاء عنه لسنته وحج العقوبة بعده، والأمر سهل، فإنه لا ثمرة لذلك كما سمعت الاعتراف به في كشف اللثام.
هذا كله في حج الاسلام المستقر أو المستمر، أما إذا كان مندوبا وقد أفسده ثم صد وتحلل ثم انكشف العدو قضى أيضا واجبا لأن الفرض بقاء الوقت واحتمال اختصاص مشروعية القضاء في القابل لظاهر النصوص واضح الضعف بعد ظهور النصوص في غير صورة الصد التي يجب فيها إتمام الفاسد، ولذا أطلق فيها أن عليه الحج من قابل، بل الظاهر أنه على هذا التقدير حج يقضى لسنته بل قد يقال لا صورة يتصور فيها القضاء للفاسد في سنته غير هذه الصورة، ضرورة وجوب الاتمام عليه في غير الفرض.
ولعله لذا أطلق المصنف، ولكن قوله متصلا بما سمعت: (وعلى ما قلناه فحجة العقوبة باقية) يقتضي كون مراده في مفروض المسألة حجة الاسلام وأن مختاره ما عرفت من كون حجة الاسلام الأولى والثانية عقوبة، وحينئذ يتجه له القضاء بمعنى التدارك عن الفاسد مع فرض سعة الوقت، وكونه حجا يقضى لسنته، ويبقى حج العقوبة في ذمته، ولا يشكل ذلك بعدم سبق ما يدل على أن مختاره كون الأولى هي الفرض والثانية عقوبة، لامكان استفادته من إطلاق قوله وعليه الحج من قابل الشامل لصورة انكشاف العدو بعد التحلل مع سعة الوقت، فإنه لا يتم إلا على ذلك، ضرورة عدم وجوبه عليه من قابل لو كان غير حج الاسلام وقد تداركه في تلك السنة، بل لا ينافيه أيضا كون حج العقوبة على التراخي، فلا يتعين كونه من قابل، لامكان