من ذلك يعلم أن المراد بالإبط فيما مر من صحيح زرارة (1) الذي أوجب فيه الدم الإبطين، بل وكذا ما في صحيح حريز (2) السابق على ما رواه في الفقيه من الافراد، بل قد يقال إن الغالب نتف الإبطين معا فينصرف إطلاق الإبط إليه، وإن كان مقتضى ذلك عدم الوثوق بالمفهوم المزبور، لخروج الشرط حينئذ مخرج الغالب، بل وإطلاق خبر ابن جبلة، لكن في الرياض لا ضير في ذلك بعد الاجماع على لزوم شئ في نتف الإبط الواحدة إما الاطعام أو الشاة، ولا دليل على الثاني مع مخالفته لأصل البراءة، فتعين الأول، ويمكن جعل هذا الاجماع قرينة على رجوع الاطلاق في الرواية إلى خصوص غير الغالب تخصيصا أو تجوزا، وهما شائعان، ولا بأس في المصير إليهما بعد تعذر الحقيقة، وإن كان فيه من المناقشة ما لا يخفى، نعم قد يقال إن شهرة الأصحاب ترجح على الغلبة التي تقتضي صرف إطلاق الإبط في خبر ابن جبلة إلى الإبطين، خصوصا بعد عدم القائل به، بل الاجماع على لزوم الشاة فيهما، هذا.
وقد ألحق جماعة حلق الإبطين بنتفهما، وكذا نتف الإبط الواحدة ولا بأس به، وعلى كل حال فالحكم هنا مستثنى مما سمعته سابقا من التخيير في الفداء بين الصيام والصدقة والنسك في إزالة الشعر.
ثم إن الظاهر عدم كون بعض الإبط كالكل للأصل، وإرشاد الفرق بين الواحدة والاثنتين، وحينئذ فلو نتف من كل إبط شيئا لا يتحقق به صدق اسم نتف الإبط لم تترتب الكفارة، ولكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط فيه، والله العالم.