اعتبار ترتب التلف على ذلك في الضمان، وعلى كل حال فما عن الشافعي من عدم الضمان مطلقا وأبي حنيفة إذا كان الصيد ظاهرا وأحمد من كون الجزاء بين الدال والمدلول واضح الضعف.
نعم لا ضمان إن كان رآه المدلول قبل الدلالة، لعدم التسبيب والدلالة حقيقة فالأصل بحاله حينئذ، وكذا إن فعل ما فطن به غيره ولم يكن قصد به ذلك، لخروجه عنها أيضا، ومن الغريب ما عن التحرير والمنتهى من التوقف في ضمان المحل لو دل محرما أو محلا على صيد في الحرم مع ما سمعته من خبري الحلبي.
نعم إن دل محل محرما على الصيد في الحل لم يضمن كما عن التذكرة لأنه لا ضمان عليه بالمباشرة فضلا عن التسبيب، وعن المنتهى التردد في ذلك، لأنه أعان على محرم فكان كالمشارك، وهو كما ترى.
ومما ذكرنا يظهر لك الحال في جميع صور المسألة المرتقية إلى اثنين وثلاثين صورة، لأن الدال والمدلول إما أن يكونا محلين أو محرمين أو بالتفريق وعلى كل تقدير فإما أن يكونا في الحل أو في الحرم أو بالتفريق، فهذه ست عشرة صورة، وعلى كل تقدير فإما أن يكون الصيد في الحل أو في الحرم، بل لو لوحظ مع ذلك اتحاد الدال والمدلول وتعددهما زادت على ذلك والله العالم.
(الفصل الثالث في صيد الحرم) وهو ما أحاط بمكة من جميع جوانبها، وتسميته بذلك إما لأن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض خاف على نفسه من الشيطان فبعث الله ملائكة تحرسه فوقفوا في مواضع أنصاب الحرم فصار ما بينه وبين مواقفهم حرما، وإما لأن