وخبر أبي الصباح الكناني (1) (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بعث بهدي مع قوم وواعدهم يوما يقلدون فيه هديهم ويحرمون فيه فقال: يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم فيه حتى يبلغ الهدي محله، فقلت: أفرأيت إن اختلفوا في ميعادهم وأبطأوا في المسير عليه جناح في اليوم الذي واعدهم؟
قال: لا، ويحل في اليوم الذي واعدهم) بل عن الشيخ روايته صحيحا عن الحلبي (2) وخبر سلمة (3) عنه عليه السلام أيضا (إن عليا عليه السلام كان يبعث بهديه ثم يمسك عما يمسك عنه المحرم غير أنه لا يلبي، ويواعدهم يوما ينحرون فيه، فيحل).
ومن الغريب بعد هذه النصوص المروية في كتب المشائخ الثلاثة وعمل الشيخ والقاضي بها، بل في المختلف نسبة ذلك إلى الأكثر، وغيره إلى المشهور وتعاضدها رد ابن إدريس لها قائلا (إنها أخبار آحاد لا يلتفت إليها ولا يعرج عليها، وهذه أمور شرعية يحتاج مثبتها ومدعيها إلى أدلة شرعية، ولا دلالة من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع، فأصحابنا لا يوردون هذا في كتبهم ولا يودعونه في تصانيفهم، وإنما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب النهاية ايرادا لا اعتقادا لأن الكتاب المذكور كتاب خبر لا كتاب بحث ونظر، كثيرا ما يورد فيه أشياء غير معمول عليها، والأصل براءة الذمة من التكاليف الشرعية) ورده في المختلف بأن هذه الأخبار ظاهرة مشهورة صحيحة السند عمل بها أكثر العلماء، فكيف يجعل ذلك شاذا من غير دليل، وهل هذا إلا جهل منه بمواقع الأدلة ومدارك الأحكام الشرعية، وتبعه على ذلك غير واحد.