منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٧٠
هو الحكم الواصل إلى العبد، لا الحكم بوجوده الواقعي، فإنه قبل وصوله إليه لا يحركه ولا يبعثه ويقبح على المولى مؤاخذته عليه.
وكذا الحال في الأصول الشرعية المثبتة الترخيص مثل (كل شئ حلال) أو (مطلق) ونحوهما، فان مفادها ليس الا الترخيص المترتب على نفي الواقع المنجز المتحد حقيقة مع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، بل هو هو كما لا يخفى.
وأما ما في تقريرات بعض أعاظم العصر دامت أيام إفاداته الشريفة (من الالتزام بجعل الحكم الظاهري ودفع منافاته للحكم الواقعي بدعوى: أن الأحكام الشرعية لا مضادة بينها في أنفسها إذ ليس الحكم الا الاعتبار أي اعتبار شئ في ذمة المكلف من الفعل أو الترك و من الواضح عدم التنافي بين الأمور الاعتبارية، وكذا لا تنافي بين إبرازها بالألفاظ، بأن يقول المولى افعل كذا ولا تفعل كذا كما هو ظاهر، وانما التنافي بينها في موردين: الأول في المبدأ الثاني في المنتهى والمراد بالمبدأ ملاك الحكم وبالمنتهى مقام الامتثال.
والتنافي في هذين الموردين مفقود بين الاحكام الواقعية والظاهرية في الشبهات البدوية، حيث إن وجه التنافي بينهما في المبدأ هو اجتماع المصلحة والمفسدة والإرادة والكراهة في شئ واحد، و وجه التنافي بينهما في مقام الامتثال هو عدم القدرة على امتثال كلا الحكمين ومن المعلوم انتفاء المنافاة بكلا قسميها في الشبهات البدوية، أما من ناحية المبدأ فلتعدد متعلق المصلحة والمفسدة، حيث إنه في إحداهما متعلق الحكم الواقعي كشرب التتن، وفي الأخرى نفس الحكم الظاهري كحليته، ومع تعدد المتعلق لا تنافي بينهما.