منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٦٦
والحاصل: أن القبح لا يتخلف عن الظلم.
إذا عرفت هذه الأمور تعرف: أن العلم الاجمالي يوجب تنجز الحكم، لانكشافه به كانكشافه بالعلم التفصيلي ويكون بيانا رافعا لموضوع البراءة، ومعه لا مجال لجعل الجهل بمتعلقه عذرا شرعا أو عقلا، لان مخالفته تعد بنظر العقل ظلما على المولى وقبيحا ذاتا. نعم لا بأس بجعله عذرا مع التصرف في المعلوم بأن يكون العلم التفصيلي به دخيلا في بلوغه إلى مرتبة الفعلية، لكنه خلف، لان الكلام في طريقية العلم له وعدم موضوعيته.
وبالجملة: فالعلم الاجمالي علة تامة للتنجيز كالعلم التفصيلي، و الانبعاث عن التكليف الإلزامي المعلوم الاجمالي لا يحصل إلا بفعل طرفي العلم الاجمالي أو أطرافه فيما إذا كان الحكم الوجوب، والترك كذلك إذا كان هو الحرمة، والا فالاقتصار على أحد الطرفين فعلا أو تركا يكون انبعاثا عن الواقع المحتمل، لا عن الحكم اللزومي المعلوم المتعلق بما لا يخرج عن الطرفين بما هو معلوم، بل يعد في نظر العقل ممن لا يبالي بما علمه من الحكم اللزومي، وعدم المبالاة به خروج عن رسوم العبودية وظلم على المولى، ومن المعلوم صدق عدم المبالاة على المخالفة القطعية العملية كصدقه على ترك الموافقة القطعية، فالاكتفاء بالموافقة الاحتمالية يصدق عليه عدم الاعتناء بالحكم اللزومي المعلوم، إذ الاعتناء به انما هو بفعل ما يوجب القطع بفراغ ذمته عن ذلك الحكم الذي اشتغلت به يقينا.
فلا يصغى إلى ما قيل أو يمكن أن يقال من: (أن مقتضى عدم العلم بخصوصية