منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٤٨
انما يكون على قصد العصيان [1]
____________________
الاستحقاق على مجرد القصد لم يلزم منافاة بين الاستحقاق وبين عدم اختيارية عنوان (معلوم الوجوب أو الحرمة) مثلا.
[1] بل استحقاق العقوبة انما يكون على عنوان الهتك المنطبق على الفعل المتجري به، لا على مجرد سوء السريرة، ولا على العزم على الطغيان، ولا على كون الفعل معلوم الوجوب أو الحرمة، ولا على كونه مقطوع الخمرية، أو مقطوع المحبوبية أو المبغوضية، فان شيئا من هذه العناوين لا يوجب استحقاق العقاب، بل الموجب له هو هتك حرمة المولى الذي لا يصدق الا على الفعل الصادر من العبد بقصد التمرد والطغيان، فلا يبقى مورد للاشكال على كون العقاب على قصد العصيان عقابا على أمر غير اختياري.
والمناقشة في ذلك بأن الهتك أيضا خارج عن الاختيار، فلا يحسن إناطة استحقاق العقوبة به، حيث إن شرب الماء الذي قطع بخمريته لم يقصد، وما قصد وهو شرب الخمر لم يحصل، فالهتك المقصود غير حاصل، والحاصل وهو شرب الماء غير مقصود. وبالجملة: فالهتك كقصد العصيان غير اختياري لا يصح أن يكون مناطا لاستحقاق العقاب.
مندفعة بالقطع بأن شرب معلوم الخمرية مع كونه ماء واقعا ليس من الحركة القسرية ولا الطبعية، بل من الحركة الإرادية والفعل الاختياري المتصف بالقبح عقلا، لوضوح أنه يصدق على الفعل المتجري به كونه صادرا بالإرادة والاختيار، ومجرد الخطأ في تطبيق الماء على الخمر لا يخرج هذا الشرب عن الأفعال الاختيارية الموجبة لحسن العقوبة عليها نظير ضرب زيد باعتقاد أنه عمرو، فان الخطأ في التطبيق لا يخرج هذا الضرب عن كونه فعلا إراديا وان لم يصدق عليه الفعل العمدي الموضوع في باب الجنايات لاحكام خاصة.