منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٤٧١
أنه جعل غاية للانذار الواجب، وغاية الواجب واجبة. [1]
____________________
النفر، حيث جعل الاستدلال بها من وجوه ثلاثة - كما تقدم - وجعل أول وجهي الوجه الثاني من كلام الشيخ (قده) وجها ثالثا لكلام نفسه، والوجه الثاني منهما وجها ثانيا لكلامه، فلاحظ.
[1] وزاد في حاشية الرسائل تقريبا رابعا للاستدلال بالآية، فقال: (انه - أي إيجاب الانذار - مستلزم له - أي لوجوب الحذر - عرفا و ان لم يكن بينهما لزوم لا عقلا ولا شرعا) ثم ناقش فيه بقوله: (ان الاستلزام عرفا انما هو بين إيجاب إظهار الواقع والانذار به وبين لزوم قبوله على تقدير إحرازه لا تعبدا، وهذا واضح لا سترة عليه).
أقول: لو تم الاستدلال بالآية الشريفة اقتضى ذلك حجية قول المنذر - بالكسر - والبناء على أنه هو الواقع في ظرف الشك.
وبعبارة أخرى: تدل الآية الشريفة على أن ما ينذر به النافر هو الواقع تعبدا، فيجب القبول، فلا يلزم أن يكون التمسك بها مع عدم إحراز كون ما ينذر به هو الواقع تشبثا بالعام في الشبهة المصداقية.
هذا، لكن الكلام كله في صحة الاستدلال بالآية الشريفة، لقوة احتمال أن يراد بالانذار الاعلام بما تفقهوا فيه وتعلموه من الاحكام، فيكون الانذار اخبارا بالأحكام المعلومة لهم، فالمستفاد من هذه الآية المباركة وجوب تعليم النافرين وإرشادهم للجاهلين إلى معالم الدين، والتعليم يوجب علم المتعلم، فكأنه قيل:
(ليعلموا قومهم إذا رجعوا إليهم) فالحذر حينئذ عبارة عن العمل الناشئ عن العلم، لا مجرد العمل ولو تعبدا، نظير الامر بسؤال أهل العلم، وسؤال الأعرابي عن الطريق مثلا، و (أن لكل داء دواء ودواء الجهل السؤال) فان السؤال انما هو لتحصيل العلم، وكذلك الدواء، فإنه رافع للمرض، فالسؤال دواء رافع