منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٢٥٢
الأصول التنزيلية ما بيناه من إبقاء الواقع المعلوم سابقا حال الشك في بقائه - كما هو الظاهر - فهو متين، وكذا ان أريد ذلك من جعل المماثل وان كان خلاف الظاهر.
وأما ان أريد به وجوب مستقل مغاير الواقع المتيقن سابقا، ففيه: أنه يلزم محذور اجتماع الحكمين ويقع الاشكال في الجمع بينهما.
وأما ما أفاده من جعل إيجاب الاحتياط متمما لقصور محركية الحكم الواقعي فهو أيضا صحيح كما بيناه. ولا يرد عليه ما في تقرير بعض الأعاظم مد ظله من قول المقرر:
(أما أولا فلان ما ذكره من اختصاص وجوب الاحتياط بصورة المصادفة يدفعه - مضافا إلى كونه خلاف أدلة الاحتياط من كونها ظاهرة في وجوب الاحتياط بما أنه أخذ بالحائطة للدين، فيكون واجبا مطلقا صادف الواقع أم خالفه، نعم وجوبه كذلك انما هو لأجل التحفظ بملاك الواقع والتحرز عن هلكته على تقدير وجوده واقعا على ما هو مفاد روايات التثليث، فيكون نظير وجوب الاعتداد على المرأة لأجل التحرز عن اختلاط المياه على تقدير وجود حمل واقعا - أنه غير صحيح في نفسه، لان الغرض من الاحتياط انما هو إيجاد الداعي إلى حفظ الواقع عند الجهل به، ومن الظاهر أن الاحتياط المصادف أيضا غير إلى حفظ الواقع عند الجهل به، ومن الظاهر أن الاحتياط المصادف أيضا غير معلوم للمكلف، فيكون حاله حال نفس الحكم المجهول في عدم صلاحيته للداعوية، فلا يمكن التوصل به إلى الغرض، فيصبح لغوا في جعله).
وذلك لما فيه أولا: من أن إطلاق الوجوب لا بد أن يكون بمقدمات الحكمة التي منها عدم القرينة أو الصالح للقرينية، ومن المعلوم أن الاهتمام بحفظ مصلحة الواقع الداعي إلى إيجاب الاحتياط ان لم يكن قرينة على اختصاص وجوبه بوجود الحكم الواقعي فلا أقل من صلاحيته لذلك، فلا دليل على إطلاق الوجوب.