منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٧١
وأما من ناحية المنتهي فلعدم لزوم امتثال الحكم الواقعي المجهول حتى ينافي لزوم امتثال الحكم الظاهري.
فالمتحصل: أن مورد التنافي بين الحكمين وهو المبدأ والمنتهي مفقود في الشبهات البدوية، وأما نفس الحكمين فلا تنافي بينهما لأنهما من الأمور الاعتبارية).
فلا يخلو من الغموض، لان الاحكام وان كانت من الأمور الاعتبارية بلا إشكال، الا أن اعتباريتها ليست بمعنى إنشائها بلا ميزان و ضابط، إذ ليس الانشاء مجرد التلفظ ولقلقة اللسان كتلفظ الهازل، بل معنى اعتباريتها إنشاؤها في وعاء الاعتبار في قبال وعائي الذهن والعين، ومن المعلوم أن الاعتبار الصحيح الذي يترتب عليه الآثار الشرعية لا يجتمع مع اعتبار آخر صحيح، فإذا أنشئ ملكية عين شخصية لزيد مثلا في زمان لا يصح إنشاء ملكيتها لعمرو أيضا بحيث يصير كل منهما مالكا لتمامها في آن واحد.
وعليه، فالتنافي بين الحكمين الواقعي والظاهري موجود في نفس اعتبارهما، وهذا التنافي كاف في المنع عن تشريع الحكم الظاهري.
نعم إذا أغمض عن التنافي بين نفس الحكمين كان منعه بينهما في المبدأ والمنتهى في محله، لكن لا تصل النوبة إليه مع المنافاة بين نفسهما، فالأولى إنكار الحكم الظاهري رأسا. هذا كله في الشبهات البدوية.
وأما الشبهة غير المحصورة فلارتفاع الحكم الواقعي أو فعليته فيها - كما أفاده مد ظله - اما لخروج بعض الأطراف عن مورد الابتلاء و اما للزوم الحرج أو