منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٤٣٤
الاحتمال لا مفهوم للآية، لان تعليق وجوب التبين على مجئ الفاسق بالنبأ عقلي لا شرعي، ضرورة أن انتفاء وجوب التبين حينئذ انما هو لعدم موضوعه وهو مجئ الفاسق بالنبأ.
ومع هذه الاحتمالات الثلاثة في الآية الشريفة وعدم المفهوم لها على الاحتمال الأخير لا بد من ملاحظة ظهورها في أحد هذه الاحتمالات، فان كان لها ظهور في أحدها أخذ به، والا يعامل معها معاملة المجمل.
والظاهر من هذه الاحتمالات هو الاحتمال الأخير، لوجهين:
أحدهما: وقوع مجئ الفاسق موقع الفرض والتقدير، فهو المعلق عليه، لوقوعه تلو أداة الشرط.
ثانيهما: أن مجئ الخبر عبارة أخرى عن الاخبار، لا أنه شئ آخر غير النبأ حتى يكون النبأ موضوعا والمجئ معلقا عليه، فمعنى الآية الشريفة حينئذ (ان أخبركم فاسق فتبينوا عن خبره) وهذا مثل قولهم:
(ان جاءك زيد بخبر فصدقه أو تبين عنه)، أو (ان أعطاك زيد درهما فتصدق به)، وغير ذلك من النظائر التي يكون انتفاء الجزاء فيها بانتفاء الشرط عقليا. نعم ان كان معنى الآية: (ان كان الجائي بالخبر فاسقا) أفاد المطلوب، إذ مفهومه حينئذ (ان لم يكن الجائي به فاسقا فلا يجب التبين) حيث إن المعلق عليه هو فسق الجائي مع محفوظية مجئ النبأ، لكنه خلاف الظاهر، لان الواقع تلو أداة الشرط كما عرفت هو مجئ الفاسق المراد به اخباره.
ولو نوقش في ظهور الآية الشريفة في هذا المعنى الأخير، فلا أقل من مساواته للاحتمالين الأولين، وعليه تكون الآية مجملة، ولا يصح الاستدلال بها