منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٧٣
أنه يزول بسبب العلم الاجمالي، لما تقدم من أنه بيان للتكليف وحجة عليه، ومع العلم به وانكشافه لا تكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة حتى تجري الأصول في أطرافه، فمناط عدم جريانها في أطراف العلم الاجمالي هو مناط عدم جريانها في المعلوم بالعلم التفصيلي، فالمانع عن جريانها ثبوتي لا إثباتي كما في رسائل شيخنا الأعظم (قده).
وان شئت فقل: ان تشريع الأصول في الأطراف ممتنع، فالمحذور يكون في نفس جعلها، لا لأجل منافاتها للإطاعة واستلزام جريانها للمخالفة القطعية، ولذا لا نقول بجريانها ولو في صورة عدم لزوم المخالفة كاستصحاب نجاسةالإناءين اللذين كانا متنجسين وعلم إجمالا بطهارة أحدهما.
ودعوى: أن عدم جريانها فيهما انما هو لعدم ترتب الأثر عليه، لكفاية العلم الاجمالي في لزوم الاجتناب عنهما، لا لمانعية العلم عن جريانه، غير مسموعة، لان أثر جريانه لزوم الاجتناب عن ملاقي أحد الإناءين، لأنه ملاق لمستصحب النجاسة الذي هو كمعلوم النجاسة في لزوم الاجتناب عن ملاقيه، بخلاف عدم جريان الاستصحاب، فإنه لا يجب الاجتناب عن الملاقي كغيره مما يلاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة.
الخامس: أن حجية العلم الاجمالي بنحو العلية التامة لا تمنع عن تصرف الشارع في مرحلة الفراغ بالاكتفاء بأحد المحتملات بجعله واقعا تنزيليا، كما لا تمنع عن تصرفه في الفراغ عن الحكم المعلوم تفصيلا كموارد قاعدتي التجاوز والفراغ واستصحاب الطهارة، فان حكم العقل بلزوم تحصيل اليقين بالفراغ انما هو للتأمين من العقوبة، ومع تأمين الشارع منها لا يبقى موضوع لحكم العقل