منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٤٣٧
وثانيا: أن الحكومة فرع وجود الحاكم - أعني المفهوم - وهو أول الكلام، إذ المفروض اكتناف المنطوق بعموم التعليل المانع عن تحقق المفهوم، أو الصالح للمنع عنه، ومع احتفاف الكلام بذلك لا ينبغي معاملة القطع بوجوده وجعله حاكما على غيره.
فالمتحصل: أن إشكال مانعية عموم التعليل عن المفهوم لا يندفع بما ذكر.
الوجه الثاني من الاشكال على الاستدلال بالآية الشريفة على المفهوم:
أنه لو أريد بالتبين العلم الوجداني كان هو الحجة عقلا دون خبر الفاسق، والامر بالتبين يكون إرشادا إليه، فلا مفهوم له، لعدم دلالة الامر الارشادي عليه.
وان أريد به الوثوق وقع التهافت بين المنطوق والمفهوم بحيث لا يمكن العمل الا بأحدهما وهو المنطوق، ولا بد من رفع اليد عن المفهوم لترتبه على المنطوق، تقريبه: أن مقتضى المنطوق بناء على إرادة الوثوق من التبين اعتبار خبر الفاسق الموثوق به، ومقتضى المفهوم حجية خبر العادل وان لم يحصل الوثوق به كالخبر الصحيح المعرض عنه عند الأصحاب، مع أنهم بين من اعتبر العدالة في حجيته ولم يعمل بخبر الفاسق وان حصل الوثوق به، وبين من اعتبر الوثوق في حجيته ولم يعمل بخبر العادل الذي لا يوجب الوثوق كالرواية الصحيحة المعرض عنها، فالجمع بين جواز العمل بالخبر الموثوق به وان كان راويه فاسقا - كما هو مقتضى المنطوق - و جواز العمل بالخبر بمجرد كون راويه عادلا وان لم يحصل الوثوق به - كما هو مقتضى المفهوم - خرق لاجماعهم وإحداث لقول ثالث، فلا بد من طرح المفهوم، لتفرعه على المنطوق، إذ لا معنى لبقاء المفهوم وسقوط المنطوق.