منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٦٥
بين العلم الاجمالي والشك البدوي، لوصول التكليف إلى المكلف في الأول، ولذا يصدق التمرد على المولى بارتكاب بعض الأطراف فيه، دون الثاني، ومن المعلوم حكم العقل بقبح التمرد وحسن المؤاخذة عليه، وليس هذا الا لتنجز الحكم ووصوله إلى المكلف بنفس العلم به ولو مع عدم تميز متعلقه، فلا وجه لقياس العلم الاجمالي بالشبهات البدوية، لصدق وصول التكليف في الأول، ولذا لا تجري فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان، دون الثاني، لجريانها فيه، ولذا لا يصدق التمرد على المولى على ارتكاب شئ من أطراف الشبهات البدوية بعد الفحص.
الثالث: أن ملاك استحقاق العقوبة هو هتك حرمة المولى والطغيان عليه بالخروج عن رسوم العبودية، حيث إن ذلك كله ظلم عليه، وهذا الملاك مفقود مع الجهل بالحكم، فارتكاب مبغوض المولى في هذا الحال ليس خروجا عن زي العبودية ورسم الرقية، لاستناده إلى مؤمن وهو قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وهذا بخلاف العلم بالحكم، فان عدم المبالاة به هتك لحرمة السيد و ظلم عليه سواء أكان العلم به تفصيليا أم إجماليا كما عرفت آنفا. و لا فرق في حكم العقل بلزوم تحصيل اليقين بالبراءة عما اشتغلت به الذمة قطعا بين كون الاشتغال ثابتا بالعلم التفصيلي والاجمالي.
الرابع: أن الظلم الذي يكون هتك حرمة المولى من مصاديقه قبيح ذاتا، لأنه بنفسه وبعنوانه محكوم بالقبح، وليس مثل الكذب الذي هو مقتض للقبح لا علة تامة له، ولذا يتخلف عنه إذا طرأ عليه عنوان حسن كإصلاح أو إنجاء نفس محترمة.