منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٦٣٩
أحدها: أن يدور الحكم الواقعي مدار العلم أو الظن به بمعنى أن لا يكون قبلهما حكم، وانما يحدث بالعلم أو الظن به، والمشهور أنه محال، لاستلزامه الدور، لتوقف الحكم عليهما توقف الحكم على موضوعه، وتوقفهما عليه توقف العارض على معروضه. وقد نوقش فيه بعدم لزوم الدور، حيث إن متعلق العلم هو ماهية الحكم لا وجوده، لامتناع تقوم العلم بأمر خارج عن أفق النفس، والحكم المترتب على العلم هو وجوده خارجا. وبعبارة أخرى: متعلق العلم هي الصور الذهنية، لا الأمور الخارجية بشهادة إمكان تعلقه بالمعدومات بل الممتنعات. وعليه فترتب الحكم خارجا على العلم لا يوجب الدور، إذ المفروض عدم توقف العلم على الحكم الخارجي.
لكنه يندفع بأن المراد بالحكم هو الامر الاعتباري الذي تكوينه إنشاؤه ممن بيده الاعتبار، والحكم بهذا المعنى متقدم على العلم معروضا ومتأخر عنه طبعا تأخر كل حكم عن موضوعه، وليس هذا الا الدور، لتوقف العلم عليه، إذ بدون تشريعه لا يكون المعلوم حكما، و المفروض أن هذا الحكم أيضا مترتب على العلم المأخوذ موضوعا له.
ومن هذا البيان يظهر لزوم الخلف أيضا، لان الحكم المعروض للعلم لا بد أن يكون ثابتا لموضوعه المستقل في الموضوعية قبل تعلق العلم به، فدخل العلم فيه خلف. فالمتحصل: أنه لا دافع للدور.
ثانيها: أن يكون في الواقع أحكام قبل قيام الامارات عليها مطابقة لمؤدياتها سنخا وعددا، حيث إنه سبحانه وتعالى يعلم بتحقق آراء فيما بعد، فيجعل أحكاما