منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ١٦٩
الاجمالي، ففيها: ما مر في التعليقة السابقة من كون العلم الاجمالي كالتفصيلي بيانا بنظر العقل بحيث يرتفع معه موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ومن أن ارتكاب بعض الأطراف داخل في التجري الذي هو قبيح ذاتا كقبح المعصية، فالاذن في ارتكابه اذن في ارتكاب القبيح الذاتي، و هو لا يصدر من الشارع الحكيم، فحال العلم الاجمالي حال العلم التفصيلي في العلية التامة لتنجيز الحكم من غير فرق بينهما أصلا.
وفعلية الحكم لا تتوقف على العلم أصلا لا إجماليا ولا تفصيليا، بل تتوقف على تحقق موضوعه خارجا، فالحكم ينشأ بنحو القضية الحقيقية كقولنا:
(المستطيع يحج) ومتى وجد المستطيع في الخارج صار وجوب الحج فعليا سواء علم به المكلف أم لا، وبعد العلم به يصير الوجوب منجزا.
وأما قياس العلم الاجمالي بالشبهات البدوية والشبهة غير المحصورة، فهو مع الفارق. أما الشبهات البدوية فلان استحقاق العقوبة فيها بنظر العقل منوط بالبيان ووصول التكليف إلى العبد، لان مجرد وجود التكليف واقعا لا يكفي في حكم العقل باستحقاق العقوبة، فقاعدة قبح العقاب بلا بيان تجري فيها بلا مانع.
وكذا كل أصل شرعي ناف للتكليف في ظرف الجهل به كحديث الرفع، لكنه إرشاد حقيقة إلى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان بلسان نفي الملزوم وهو التكليف، فلا ينافي الحكم الواقعي، لان الترخيص حينئذ حكم عقلي مترتب على الجهل بالواقع، وليس حكما شرعيا حتى يناقض أو يضاد الواقع، ويتكلف في الجمع بينهما بالوجوه التي جمع بها بين الحكم الواقعي والظاهري.
وان شئت فقل: ان موضوع حكم العقل بحسن الإطاعة وقبح المعصية