منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٣٩١
إذا عرفت ما ذكرنا، فقد تصدى غير واحد من الأفاضل لإقامة البرهان على الملازمة، وما أتى منهم بواحد (1) خال عن الخلل، والأولى إحالة ذلك إلى الوجدان (2) حيث إنه أقوى شاهد على أن الانسان إذا أراد شيئا له مقدمات أراد تلك المقدمات لو التفت إليها [1] بحيث ربما يجعلها في قالب الطلب مثله (3)، ويقول مولويا:
____________________
للأصل، حيث إن موضوعه هو الشك المعلوم انتفاؤه هنا، لأنه - بناء على الملازمة بين وجوب الواجب ومقدمته - يعلم بوجوب المقدمة لما بعد العلم بوجوب ذيها، فلا شك في وجوب المقدمة حتى يجري فيه الأصل.
(1) أي: ببرهان واحد خال عن الخلل، وقوله: - أتى - ماض معلوم.
(2) كما في تقريرات شيخنا الأعظم (قده)، وقد عزاه في البدائع إلى جمع من الأعيان، كالمحقق الدواني، والمحقق الطوسي، وظاهر كلام سيد الحكماء والمتألهين المير محمد باقر الداماد في بعض تحقيقاته: (وتلقاه بالقبول مشايخنا العظام، وأساتيذنا الكرام، وسائر المتأخرين الفخام، وهو أقوى الأدلة التي استدل بها في المقام، و أسدها) انتهى كلام البدائع.
(3) أي: مثل نفس الشئ الذي له مقدمات. ومحصل هذا البرهان: أن الوجدان يحكم بالملازمة بين إرادة شئ وإرادة مقدماته لو التفت المريد إلى تلك المقدمات، بل قد يأمر بها مولويا، كما يأمر بنفس ذلك الشئ، فيقول مولويا:
(ادخل السوق واشتر اللحم)، فالامر بدخول السوق - الذي هو مقدمة - يكون مولويا كالأمر بذي المقدمة، وهو شراء اللحم.

[1] لا يخفى: أن وجوب المقدمة بمعنى اللابدية العقلية، وبمعنى الوجوب العرضي الذي هو إسناد الوجوب النفسي إلى ذي المقدمة حقيقيا أوليا، وإلى المقدمة عرضيا ثانويا، نظير إضافة الجعل إلى نفس الماهية حقيقة، وإلى لوازمها مجازا، ليس محل النزاع بين المحققين، إذ الوجوب العقلي مقوم للمقدمية، فإنكاره مساوق لانكار المقدمية. و كذا الوجوب العرضي - بناء على كون وجوب
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»
الفهرست