منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٤٠
المضروب له، فاللازم الاتيان به على النهج المعتبر فيه، فلو كان في أول الوقت مضطرا ثم ارتفع الاضطرار بحيث تمكن في الوقت من الاتيان بالمبدل الاختياري، فليس له الاتيان بالبدل الاضطراري، إلا مع قيام دليل خاص على الاجزاء والاكتفاء به.
إذا عرفت هذه الأمور تعرف أن مقتضى القاعدة إجزاء المأمور به الاضطراري عن الواقعي في جميع الابدال الاضطرارية إذا كان العذر مستوعبا لوقت المبدل، ومجرد العلم ببقاء مقدار من المصلحة - فضلا عن احتماله - لا يقتضي وجوب القضاء، لما عرفت من عدم الدليل علي وجوب موافقة الغرض ما لم يطالب به المولى، ومجرد وجوده ليس علة تامة للطلب حتى يكون برهانا لميا على وجوب القضاء، و ذلك لاحتمال عدم إمكان استيفاء المصلحة الباقية إلا بصرف الوجود، لا بغيره من وجودات الطبيعة، فأول وجوداتها تقوم به المصالح كلها دون غيره.
ومما ذكرنا يظهر حكم الحج مع العامة مع اقتضاء التقية لذلك، وأنه كسائر الابدال الاضطرارية، بل أولى منها، لما ثبت من سعة دائرة التقية كما سيأتي.
ولا يخفى أن مورد النزاع في إجزاء المأمور به الاضطراري عن الواقعي إنما هو فيما إذا لم يكن الاضطرار من الأوصاف المنوعة للمكلف الموجبة لاختلاف الاحكام كالمسافر والحاضر، وإلا فلا معنى للاجزاء عن الامر المتعلق بموضوع آخر.
والقول بكون المختار والمضطر كالمسافر والحاضر ضعيف، لاستلزامه قضاء البدل الاضطراري إذا فات في وقته على ما فات، فيجب أن يقضي الصلاة مع الطهارة الترابية إذا فاتت كذلك مع التمكن من قضائها مع المائية.
فتلخص من جميع ما ذكرناه أمور:
الأول: أن مقتضى القاعدة إجزاء البدل الاضطراري عن المبدل الاختياري.
الثاني: أن مورد الاضطرار هو الموقت مع استيعاب الاضطرار للوقت، أو