منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٣٩٣
معلولات الأحكام الشرعية فاقد لجهة المولوية، لما تقرر في محله: من كون حسن الإطاعة عقليا محضا ليس فيه شائبة المولوية، لفقدان ملاكها، ولو ورد أمر من الشارع في هذه السلسلة، فيحمل لا محالة على الارشاد إلى حكم العقل. وفي المقام لا إشكال في أن المقدمة لا مطلوبية لها بالذات، وإنما هي مطلوبة لتوقف امتثال أمر ذي المقدمة على إيجادها، فلا حسن لها ذاتا حتى يعرضها أمر مولوي.
وبعبارة أخرى: إنما تتصف المقدمة بالحسن والمطلوبية بعد مطلوبية ذيها، فحسنها معلول لحسن ذيها، وكذا إرادتها والامر بها، فالمقدمة في جميع هذه المراحل تابعة لذيها، فوجوب المقدمة لا محالة يكون من شؤون وجوب الإطاعة عقلا.
ولا يمكن أن يكون مولويا، لا مستقلا، ولا تبعا. ولو أمر به الشارع أحيانا كان إرشادا إلى حكم العقل، كقوله تعالى: (أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الامر منكم).
فالمتحصل: أن المقدمة - لكون الغرض منها التوصل بها إلى الواجب النفسي - يندرج طلبها والامر بها في سلسلة معلولات الاحكام التي لا تقبل المولوية.
ومن هنا يظهر: ما في الوجدان المزبور من الاشكال، لان مجرد إرادة المولى للمقدمات، بل والامر بها لا تدل على وجوب المقدمة مولويا، بل الامر والإرادة تابعان لإرادة الواجب النفسي، ومترتبان عليها. وكلما يقع في سلسلة معلولات الاحكام لا يكون فيه مجال للمولوية، بل هو مسرح حكم العقل.
فعدم المولوية إنما هو لعدم قابلية المورد لها، لا لأجل اللغوية - كما في بعض التقريرات - إذ يمكن دفع اللغوية بصحة التقرب به، و بترتب الثواب والعقاب عليه، وبصيرورة تارك المقدمات فاسقا. و بظهور الثمرة في النذر، ونحو ذلك، هذا.
وقد ظهر مما ذكرنا من عدم قابلية المقدمة للامر المولي: أن ما في بعض تقريرات شيخنا المحقق العراقي (قده) من: (أن حكم العقل بالاتيان من