منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ١١٥
بحث شيخنا الأعظم الأنصاري (قده)، حيث قال المقرر: (وربما يتوهم: أن وجوب الكل مركب من وجوبات متعلقة بأجزائه، وهو فاسد جدا، ضرورة أن الوجوب المتعلق بالكل أمر بسيط وهي الحالة الطلبية والإرادة الفعلية، ولا يعقل التركيب فيها، نعم المراد مركب تعلق به الطلب من حيث إنه مركب وأمر وحداني) وان كان فيه منع كما سيأتي في مبحث الأقل والأكثر الارتباطيين إن شاء الله تعالى.
وثانيا: ان الثمرة المترتبة على وجوب المقدمة تترتب على وجوب الاجزاء أيضا كما سيجئ في بيان ثمرة وجوب المقدمة.
وإن كان نظره إلى: امتناع تركب الواجب، وكون متعلق الامر كلا ليكون له أجزأ حتى يبحث عن وجوبها الغيري المترشح عليها من الامر بالكل، فهو مما لا بأس به في الجملة، وتوضيحه منوط بتقديم مقدمات:
الأولى: أن من المسلمات اتحاد الكل في الوجود الخارجي مع وجود أجزائه، حتى قيل: إن الكل عين الاجزاء بالأسر، ولا ينافي هذه الوحدة تقدم الاجزاء على الكل بالماهية والتجوهر، كما لا يخفى.
الثانية: أن الكلية والجزئية اعتباران متضايفان ناشئان من منشأ واحد و هو الوحدة العارضة للمتكثرات، ضرورة أن اتصاف مجموعها بكونها كلا، وكل واحد منها بكونه جزا منوط بوحدة المتكثرات الحقيقية اعتبارا، فما لم يطرأ عليها الوحدة الاعتبارية لا يحدث لها عنوان الكل والجز، فالصلاة مثلا التي هي أشياء متكثرة لا تتصف بكونها كلا، ولا ركوعها وسجودها وغيرهما مما اعتبر فيها بكونها جزا إلا بعد عروض الوحدة لها بسبب وحدة الامر المتعلق بها، فإنه قبل تعلقه بها لا كل ولا جز، فالكلية والجزئية ناشئتان من وحدة المتكثرات، ومن المعلوم: نشوء هذه الوحدة الاعتبارية من وحدة الامر، فلا وحدة لتلك المتكثرات، ولا كلية ولا جزئية