منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٦٢
وجهه لأجل التقية كالصلاة بدون السورة، أو الطمأنينة، أو مع التكتف، أو الصوم إلى سقوط الشمس عن دائرة الأفق، أو الوقوف في غير وقته المجعول له بحسب التشريع الأولي، فترك العمل رأسا كالافطار في شهر رمضان تقية خارج عن موضوع الاجزاء إذ ليس التقية في أداء الواجب، بل في تركه.
فمرسلة (١) داود بن الحصين عن الصادق عليه السلام (والله أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي) ونحوها غيرها (٢) مما يشتمل على وجوب قضاء الصوم أيضا تكون على طبق القاعدة، فالتسوية بين القسمين كما عن بعض غير ظاهرة.
(١ و ٢ - الوسائل، كتاب الصوم، الباب ٥٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث ٤ وغيره) الثالث: ان التقية تمتاز عن غيرها من أقسام الاضطرار بعدم اعتبار استيعابها للوقت في الاجزاء، بخلاف غير التقية من سائر أنحاء الاضطرار، فإن استيعابها للوقت شرط في الاجزاء على المشهور المنصور.
والوجه في الفرق ظاهر، حيث إن ظاهر أدلة التقية خصوصا صحيحة الكناني المتقدمة هو التوسعة، وتسهيل الامر على المكلفين، لأنه قضية إطلاق الامر باستعمال التقية في الدين في بعض روايات الباب، وكونها واسعة في بعضها الاخر. وأما سائر أنحاء الضرورة، فالاجزاء فيها منوط بالاضطرار إلى صرف الوجود من الطبيعة المأمور بها بالامر الأولي في تمام الوقت المضروب لها، ومن المعلوم توقف صدقه على استيعاب الاضطرار للوقت.
فقد ظهر من هذا التقريب أمران:
أحدهما: انه لا يعتبر عدم المندوحة الطولية في التقية، فلو علم بارتفاع التقية في أثناء الوقت جاز له المبادرة بالاتيان بالعمل الموافق لها، كما لا يخفى.