منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٤٨٥
وببيان آخر: القيود المأخوذة في الاحكام على أقسام:
منها: ما يكون دخيلا في كل من الملاك، والخطاب، كالبلوغ، والعقل، والوقت، والاستطاعة، وغيرها مما أخذ في موضوع الخطاب، لظهورها في توقف الحكم ومباديه - كالملاك - عليه، حيث إن الحكم كالمعلول للملاك، فإذا توقف على شئ كان التوقف له و لعلته، فالملاك والخطاب معا معلقان عليه، وتكون هذه القيود منشأ ومولدة للملاك، فينتفي بانتفائها - فضلا عن الخطاب - سواء أكانت بلسان الشرط، مثل: (إذا زالت الشمس وجبت الصلاة والطهور)، أو:
(وجبت الصلاتان)، أم بلسان الاخبار، مثل: (المستطيع يحج).
ومنها: ما يكون دخيلا في الخطاب فقط من دون دخل له في الملاك أصلا كالقدرة، فإنها دخيلة في حسن الخطاب، إذ لولا القدرة لم يكن أثر للخطاب، لقصوره حينئذ عن التحريك، فالقدرة دخيلة في التحرك والانبعاث عن تحريك المولى وبعثه، من دون دخل لها في الملاك، لوضوح وجود الملاك في إنقاذ المؤمن مثلا حتى مع عدم قدرة المكلف عليه.
ومنها: ما يكون دخيلا في تنجز الخطاب، وقطع العذر الجهلي، كالعلم وغيره، كالامارات المعتبرة عقلا أو شرعا على الاحكام، فإن العبد بعد قيام الحجة على التكليف لا يعذر في المخالفة. وهذا النحو من القيود ليس دخيلا في الملاك، ولا في الخطاب، لان الخطاب منوط بوجود موضوعه، وليس العلم ونحوه مما يناط به الخطاب، و إلا لزم الدور، إذ الخطاب أيضا مما يناط به العلم.
فقد ظهر مما تقدم: عدم كون القدرة من القيود الدخيلة في الملاك.
هذا في القدرة التكوينية.
وأما القدرة التشريعية، وهي: ما أخذ في لسان الخطاب، كالاستطاعة