منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٤٤
والحاصل: أن الإرادة تتعلق بكل واحد من الأطراف على الوجه الناقص ولازم هذه الإرادة الناقصة جواز ترك بعض الأطراف في ظرف وجود الاخر، وحصول العصيان بترك جميع الأطراف.
وأنت خبير بعدم تصور نقصان في الإرادة، لأنها هي الشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو المراد، فإن لم يصل الشوق إلى هذه المرتبة فليس بإرادة.
وعليه: فلا بد من توجيه كلامه (قده) بأن يقال: إن إرادة كل من الأطراف مقيدة بعدم الاخر، ففي ظرف وجوده لا إرادة أصلا بالنسبة إلى غيره، فيرجع ما أفاده (قده) إلى وجه آخر سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
هذا كله مضافا إلى: أن لازم تعدد الإرادة تعدد العقاب، لتمامية الإرادة عند ترك الجميع، كما لا يخفى.
الرابع: أن يكون وجوب كل واحد من الأطراف مشروطا بعدم وجود الاخر.
وفيه أولا: أن لازمه وجوب كل من الأطراف تعيينا، وهو غير الوجوب التخييري.
وثانيا: أن ترك الجميع مستلزم لتعدد العقاب، لفعلية الوجوب حينئذ بالنسبة إلى جميع الأطراف، حيث إن شرط وجوب الجميع - وهو ترك الكل - حاصل، وهذا كما ترى.
وثالثا: أن صحة هذا الوجه منوطة بأمرين: أحدهما: تعدد الملاك بأن يكون لكل واحد من الأطراف ملاك يخصه. ثانيهما: تضاد تلك الملاكات في الوجود بحيث لا يمكن الجمع بينها كذلك، وإلا لكان كل واحد منها واجبا تعيينيا، فلو كان الملاك واحدا لم يصح هذا الوجه، لخلو ما عدا واجده عن ملاك التشريع، وهو خلاف ما عليه مشهور العدلية: من تبعية الاحكام لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد.