منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ١٥١
يتصف اللاحق بالوجوب كالمقارن والسابق، إذ بدونه (1) لا يكاد يحصل الموافقة،
____________________
(1) أي: بدون اللاحق، وهذا تعليل لاتصاف الشرط المتأخر بالوجوب كالغسل الليلي لصوم المستحاضة بالكبرى، وحاصل العلة:
وجود مناط الوجوب الغيري أعني المقدمية في جميع أقسام المقدمة بوزان واحد.

دخله فيها بوجوده العلمي، لا بوجوده الخارجي، ويكون حال السابق أو اللاحق بعينه حال المقارن في الدخل، مثلا إذا فرض أن الذي يكون مؤثرا بنظر الشارع هو العقد الخاص الذي انتزعت خصوصيته من ملاحظة رضاء مقارن أو لا حق، فكما لا دخل للرضي المقارن حينئذ، إلا أنه بملاحظته جعل السلطان بالاستحقاق والمالك على الاطلاق العقد سببا كذلك حال الرضاء اللاحق، فيكون دخل كل في التأثير نحو دخل الاخر فيه، وهو ملاحظة خصوصية العقد المنتزعة عن رضاء مقارن أو لا حق، وكذا الحال في صوم المستحاضة بالكبرى بناء على الاشتراط بالأغسال الليلية، فإن دخلها في الواجب إنما يكون بواسطة أنه بملاحظتها تحصل لصومها خصوصية بها يصير ذا مصلحة مقتضية لايجابها عليها بهذه الخصوصية، فتؤمر بذلك الخاص، فيجب عليها موافقته بالصوم في النهار والغسل في الليلة اللاحقة. واختلاف الافعال في الخصوصيات الناشئة من سبق شئ أو لحوقه الموجبة للتفاوت في الحسن والقبح مما لا يخفى، لما حقق في محله من أنهما بالوجوه والاعتبارات، لا بالذات، فلو اغتسلت في الليل صح صومها، بخلاف ما إذا لم تغتسل، فإنها لم تأت بما هو المأمور به، وما أتت به لم يوافق، فيحكم بفساده وبطلانه. ان قلت:
هذا خلاف ظاهر لفظ الشرط الذي قد أطلق على مثل الإجازة، و الغسل في الليل. قلت: لو سلم كان إطلاقه عليه من باب إطلاقه على مثل الرضاء المقارن، لما عرفت أن دخلهما كدخله في التأثير بلا تفاوت أصلا.
ان قلت: فما وجه إطلاقهم الشرط على مثل ذلك مما لا دخل له إلا بوجوده العلمي.
قلت: الوجه صدق الشرط حقيقة بناء على إرادة الأعم من الذهني و الخارجي من لفظ الوجود والعدم في تعريفه بما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود،
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست