منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٦٣
ثانيهما: أن لازم الامر الأول افتراق التقية عن سائر أنحاء الاضطرار في الاجزاء، حيث إنه نلتزم به في العمل الاضطراري ولو مع ارتفاع الاضطرار في الوقت إذا كانت الضرورة تقية، ونلتزم بعدم الاجزاء مع ارتفاع الاضطرار في الأثناء إذا كانت الضرورة غير التقية كما هو المشهور المنصور.
وبالجملة: فلا ملازمة في الاجزاء بين التقية وبين سائر الاعذار.
الرابع: أن المنساق من روايات التقية، بل مورد جملة وافرة منها هو اعتبار كون التقية في المذهب سواء أكانت في نفس الحكم بلا واسطة كالمسح على الخفين والافطار عند سقوط الشمس عن دائرة الأفق، ونحو ذلك، أم مع وساطة الموضوع، مثل كون اليوم الفلاني أول الشهر، أو يوم عرفة، ونحو ذلك، حيث إن ثبوت الهلال بحكم قضاتهم أيضا من مذهبهم، فالتقية في الدين تصدق على كلتا الصورتين بوزان واحد.
ثم إن حجية حكم القاضي عندهم ان كانت مختصة بحال الشك كحجية بحكم قضاتنا، لكون حجيته من باب الطريقية كما هو شأن سائر الامارات، لا من باب الموضوعية، فلا محاله تختص التقية المجزية بصورة الشك في مطابقة حكم حاكمهم للواقع، لكون حكمه مع العلم بالخلاف غير نافذ عندهم، ومخالفا لمذهبهم، فلا يصدق على موافقتهم حينئذ التقية في دينهم. وإن لم تكن مختصة بحال الشك، كما إذا كان بناؤهم على موضوعية حكم القاضي بمعنى كونه حجة ونافذا في مذهبهم حتى مع العلم بالخلاف، كما حكي أن جماعة منهم ادعوا الاجماع على ذلك كانت التقية مجزية في كلتا صورتي العلم بمخالفة حكم حاكمهم للواقع، والشك فيها، إذ المفروض نفوذ حكمه عندهم في الصورتين، فموافقتهم فيهما تقية في الدين.
ومن هنا ظهر: أنه إذا ثبت الهلال على الوجه غير المشروع عندهم، كما إذا ادعى