منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٤٩٥
ولكن مع ذلك يقتضي هذا الترتب طلب الجمع بين دخول المسجد و قراءة القرآن. فالطولية المانعة عن لزوم طلب الجمع عبارة عن إناطة أحد الطلبين بترك متعلق الاخر، سواء أكان المتعلقان متضادين كالصلاة والإزالة، أم لا كالقراءة ودخول المسجد، فإنه لا ريب في عدم لزوم طلب الجمع بهذا النحو من الطولية. بل هذه الطولية تقتضي امتناعه، لما عرفت آنفا: من أنه لو فرض محالا قدرة المكلف على الاتيان بكلا الضدين اللذين تعلق بهما الطلب طولا سواء أكانا ضدين كالإزالة والصلاة، أم لا كدخول المسجد والقرأة لما اتصف بالمطلوبية إلا الأهم.
وأما المهم، فلا يتصف بها، لعدم تحقق شرط مطلوبيته، وهو ترك الأهم.
نعم يلزم اجتماع الطلبين في آن واحد مع اختلافهما في الاقتضاء، و هذا غير طلب الجمع المستلزم لمطلوبية متعلقي الطلبين في آن واحد، كما هو ظاهر.
ثم إن الطولية المانعة عن لزوم طلب الجمع منوطة بكون الشروط العامة والخاصة الاختيارية كالاستطاعة، وتملك النصاب الزكوي، و نحوهما، وغير الاختيارية، كالبلوغ، والعقل، والوقت من الجهات التقييدية الدخيلة في الموضوع حتى يكون موضوعا الطلبين طوليين، وطلبهما أيضا طوليين، إذ لو لم ترجع إلى الموضوع، وكانت من الجهات التعليلية الدخيلة في الملاك المؤثر بوجوده العلمي - لا الخارجي - في التشريع، وفعليته، لزم من ذلك عرضية طلبي الأهم و المهم، لكون موضوعيهما حينئذ عرضيين، حيث إن ذات الإزالة و الصلاة في المثال المزبور موضوعان للحكم، إذ المفروض رجوع الشروط - التي منها ترك متعلق الأهم، كالإزالة - إلى الملاك الذي هو أجنبي عن الموضوع، فالموضوع نفس الصلاة والإزالة، ومن المعلوم:
أنه لا طولية بينهما حينئذ، فيلزم عرضية الطلبين المتعلقين بهما أيضا.
وهذا خلاف ما فرضناه في الترتب من طولية الخطابين رتبة. وقد ثبت في محله: