منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٦٠
كاف في عدم الاعتبار كما هو واضح، فلا تصلح تلك النبويات حجة على إجزاء الوقوف مع العامة في غير وقته تقية، ولكن فيما ذكرناه من روايات المبحث الأول عدا حديث الرفع غنى وكفاية.
ويؤيد الاجزاء لو لم يدل عليه: أن الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله الملك الغفار، وأصحابهم الأخيار كانوا من بعد خلافة مولانا أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين إلي زمان الغيبة في شدة التقية من العامة، وحجوا معهم في تلك المدة المديدة المتجاوزة عن مائتي سنة مع كون أمر الحج وقوفا وإفاضة بأيدي أمراء الحج المنصوبين من قبل الخلفاء الأمويين والعباسيين، ومن المعلوم تحقق الشبهة في ثبوت الهلال في بعض تلك السنين، بل القطع بالخلاف عادة في بعضها، ومع ذلك لم ينبه إمام على وجوب الإعادة، أو تعدد الوقوف مع الامكان، ولم يتنبه أحد أيضا من الشيعة في تلك الأزمنة المتمادية للسؤال عن صحة الحج مع العامة، إذ لو كان لبان، فعدم بيان المعصوم عليه السلام لعدم الاجزاء دليل على الصحة، لان عدم الوجدان في أمثال المقام يدل على عدم الوجود.
إيقاظ: لا يخفى أن الاجزاء مما ذهب إليه جماعة من الأجلة، كالعلامة الطباطبائي على ما نسبه إليه في الجواهر، حيث قال قبل بيان أحكام الوقوف بأسطر بعد نفي البعد عن القول بالاجزاء ما لفظه: (وقد عثرت على الحكم بذلك منسوبا للعلامة الطباطبائي)، وكالعلامة الكني (قده) قال في محكي قضائه: (إن قضاء المخالف تقية نافذ يترتب عليه الآثار)، وكسيدنا الفقيه الأصفهاني صاحب الوسيلة (قده) في أجوبة الاستفتاءات، وكثير من أجلة المعاصرين، فلاحظ.
وبالجملة: فالقول بالاجزاء ليس من الشواذ التي لا يعبأ بها، هذا تمام الكلام في المقام الأول.