منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٢٥٢
وموافقته، واستحقاق العقاب على عصيانه ومخالفته عقلا. وأما استحقاقهما (1) على امتثال الامر الغيري ومخالفته،
____________________
(1) أي: الثواب والعقاب على امتثال الامر الغيري، وعصيانه.
وأنت خبير بما فيه، ضرورة أن الاستحقاق أجنبي عن لزوم الوفاء بالوعد، لقبح خلفه، فإن الاستحقاق ناش عن الفعل الصادر عن العبد الموجب له حقا على من ألزمه بإيجاده، وقد عرفت: أن هذا المعنى الظاهر من الاستحقاق لا يثبت للعبد على مولاه أصلا، لان العبد يؤدي وظائف العبودية، ولا معنى لاستحقاق الاجر على أداء الوظيفة.
فالمتحصل: أن الاستحقاق بالمعنى الأول مما لا يمكن الالتزام به، حتى في الواجبات النفسية فضلا عن الغيرية. وبالمعنيين الأخيرين أجنبي عن الاستحقاق المتنازع فيه عند المتكلمين وإن أمكن الالتزام بهما، لكنهما خلاف ظاهر الاستحقاق المأخوذ في تعريف الواجب.
وبالجملة: فنفي المصنف الريب عن استحقاق الثواب على امتثال الامر النفسي لم يظهر له وجه.
ثم إن جعل الامر الغيري موردا لهذا النزاع مبني على كونه أمرا حقيقيا، بأن يكون صادرا بداعي البعث، ليكون البعث المترتب عليه عين الانقياد الذي هو مناط الثواب، فلا محيص حينئذ عن الالتزام بترتب الثواب تفضلا عليه.
وأما بناء على عدم كونه أمرا حقيقيا، كما هو كذلك، حيث إنه لا شأن له في قبال الامر النفسي بعد أن كان ملاكه التوصل به إلى متعلق الامر النفسي، فكأن الامر الغيري ملحوظ آلة للوصول إلى الامر النفسي، كلحاظ المعنى الحرفي آليا، فيخرج عن موضوع كلام المتكلمين، ولا وجه حينئذ للبحث عن أن امتثال الامر الغيري هل يوجب استحقاق الأجر والثواب أم لا؟