منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٠٣
متباينا، لتباين المقولات، وامتناع اتحادها. إلا أنهما يوجدان بإيجاد واحد، كالصلاة في المغصوب، فإن الصلاة والغصب يوجدان بإيجاد واحد، وإيجاد الغصب لما كان مبغوضا، فلا يتمشى قصد القربة بموجود يوجد بذلك الايجاد مقارنا للغصب، فالصلاة حينئذ نظير الماء الصافي البارد الذي يصبه العبد في آنية قذرة تسقطه عن قابلية حصول الامتثال به.
والحاصل: أن الموجود في باب الاجتماع وإن كان متعددا - كالصلاة والغصب - إلا أن الايجاد واحد. وهذا بخلاف الترتب، فإن الايجاد فيه كالموجود متعدد أيضا، فإن ترك الأهم إنما هو لأجل الصارف، وفعل المهم لأجل الإرادة، فالايجاد كالموجود متعدد، فيتمشى قصد القربة بأمر المهم بلا مانع).
هذا ملخص ما استفدناه من بحثه الشريف.
أقول: ما أفاده مد ظله وإن كان في نفسه متينا، لكنه لا يفي بدفع الاشكال، بل لا بد من ضم ضميمة إليه، وهي: عدم اقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده، إذ بدونها لا يندفع الاشكال، حيث إن لقائل أن يقول:
بكفاية عدم القدرة على امتثال أمر المهم، لأجل صيرورة متعلقه منهيا عنه، من باب اقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده، لا من جهة وحدة الايجاد، حتى يدفع ذلك بتعدده.
لا يقال: إن قضية فعلية الخطابين مع ترك امتثالهما هي: تعدد العقوبة، وهو قبيح عقلا، لان مناط حسن العقوبة على ترك شئ هو القدرة على امتثاله، وهذا غير متحقق في المقام، لعدم القدرة على امتثالهما حتى يستحق عقوبتين على تركهما، وهذا القبح دليل على عدم تعلق الامر بالمهم، وهو كاشف عن بطلان الترتب، وامتناع تعلق طلبين فعليين بضدين في آن واحد.
فإنه يقال: إن كان مناط استحقاق تعدد العقوبة مخالفة الامر بالجمع بين