منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٣٥٠
ومفهوما، ضرورة أن صدق النسبة في أحد الطرفين يستلزم صدقها في الطرف الآخر فصدق النقيض على الترك يوجب صدقه على الفعل، فكل من الترك والفعل نقيض الاخر، على: أن موضوعات الأحكام الشرعية هي المفاهيم العرفية غالبا، والعرف هنا حاكم بأن فعل الصلاة ترك لتركها، فيحرم بوجوب تركها مقدمة للإزالة الواجبة.
نعم يمكن عدم جريان حكمه في فعل الصلاة بالنسبة إلى الترك الخاص، لأنه يرى أيضا أن حكم الأعم لا يثبت للأخص، لعدم تساويهما لا مفهوما، ولا خارجا.
فالمتحصل: أنه لا ينبغي الاشكال في كون الفعل بنفسه نقيضا للترك، كالعكس، فبناء على كون الامر بالشئ مقتضيا للنهي عن ضده الشامل للنقيض يكون الفعل الذي يجب تركه لأجل المقدمية منهيا عنه، فيبطل إذا كان عبادة، هذا.
لكن الذي يسهل الامر: أن الثمرة المزبورة - وهي: صحة العبادة بناء على كون المقدمة الواجبة هي خصوص الموصلة -، وفسادها بناء على وجوب مطلق المقدمة - ساقطة من أصلها، لكونها مترتبة على مقدمية ترك أحد الضدين لفعل الاخر، وهي غير ثابتة، كما سيأتي توضيحه في مبحث الضد إن شاء الله تعالى.
وهناك ثمرات أخرى:
الأولى: أن المقدمة إذا كانت محرمة كالتصرف في الأرض المغصوبة لأداء واجب، كإنقاذ غريق مؤمن، فعلى القول بوجوب مطلق المقدمة - وإن لم تكن موصلة - ترتفع الحرمة، وتتصف بالوجوب وإن لم يترتب عليها الواجب. وعلى القول بوجوب خصوص الموصلة، أو عدم وجوب المقدمة مطلقا تبقى الحرمة على حالها، إلا إذا توصل بها إلى الواجب.
أما في صورة عدم وجوب المقدمة، فلان ارتفاع الحرمة بالضرورة المبيحة للمحظورات إنما يكون بقدرها، وهو خصوص السلوك الموصل إلى الواجب النفسي كالانقاذ في المثال، دون غيره.