منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٦٤
السلطان مثلا رؤية الهلال، ولم تكن رؤيته بانفراده حجة عندهم، و لكن مع ذلك أجبر الناس على متابعتهم له كانت الموافقة معهم خارجة عن مورد التقية المجزية، لفرض خروجها عن التقية في المذهب، ومندرجة في موارد الضرر، فيجب دفع الضرر عن نفسه بموافقة السلطان من دون دليل على صحة العمل، لقصور دليل الضرر عن إثبات الصحة، إلا إذا نهض دليل على موضوعية مجرد الخوف لتبدل الحكم وان كان ناشئا عن إجبار السلطان، فتدبر.
الخامس: إذا خالف التقية في مورد وجوبها، وأتى بالمأمور به الأولي، كما إذا مسح على البشرة دون الخفين، أو أتى بالصلاة بلا تكتف، أو وقف في يوم عرفة تاركا للوقوف يوم التروية الذي هو يوم عرفة عندهم، ففي الصحة وعدمها قولان:
أحدهما: البطلان، والاخر الصحة.
أما الأول، فوجهه إما اقتضاء أوامر التقية لكون العمل الموافق لها مأمورا به فعلا، فيصير المسح على الخفين جزا من الوضوء، و التكتف جزا من الصلاة، والوقوف في غير يوم عرفة تقية جزا من الحج، فترك التقية في العمل ترك للمأمور به، فيبطل، لعدم انطباقه عليه. و إما اقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده كما عن الذخيرة، فالمأمور به الأولي يبطل، للنهي عنه.
لكن في كليهما ما لا يخفى:
إذ في الأول: أنه مبني على تبدل الحكم بالتقية، وصيرورة المتقي و المختار كالحاضر والمسافر موضوعين مستقلين عرضيين، ليكون العمل الموافق للتقية والمأمور به الأولي وظيفتين متغايرتين لموضوعين متضادين، كالقصر والاتمام للحاضر والمسافر، وليس الامر كذلك، لان غاية ما يستفاد من أدلة التقية هي بدلية الفعل الناقص عن التام طوليا، كسائر الابدال الاضطرارية، لا عرضيا كالقصر و الاتمام، حتى يخرج