منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٤٥
أما المبحث الأول، فحاصله: أن ما استدل أو يمكن أن يستدل به على صحة الحج مع العامة في التقية الخوفية وجوه: أحدها: قوله صلى الله عليه وآله في حديث رفع التسعة عن الأمة: (وما اضطروا إليه) (رواه الصدوق في باب التسعة من الخصال، الحديث - 9 -) بتقريب: أن الاضطرار إلى ترك الشرط الذي هو يوم عرفة، وإيجاد الوقوف في غيره كيوم التروية يرفع شرطية يوم عرفة للوقوف بالنسبة إلى المتقي الذي هو من مصاديق المضطر، فيصير الوقوف للمتقي مطلقا غير مشروط بيوم عرفة، ومقتضى سقوط الشرطية هو الاجزاء، وعدم وجوب الإعادة، هذا.
وأورد عليه تارة بأن الاضطرار إلى فعل شئ أو تركه لا يقيد الواقع حتى يكون المضطر إليه مأمورا به في قبال الواقع كالصلاة السفرية التي هي مأمور بها كالحضرية، والمفروض أن الاجزاء مترتب على التقييد الذي هو أجنبي عن الاضطرار، لان شأنه رفع الخطاب بمناط قبح مطالبة العاجز مع بقاء المصلحة الواقعية على حالها، فلا موجب للاجزاء.
وأخرى: بأنه بعد تسليم التقييد يختص ذلك بالاجزاء والشروط المقيدة بحال التمكن، لان ما ثبت دخله المطلق حتى في حال العجز عنه يكون سقوطه موجبا لانتفاء الحكم عن المركب والمشروط، و المفروض أن للوقت شرطية مطلقة للوقوف، لما دل من النص و الاجماع على فوات الحج بعدم إدراك الوقوفين في وقتهما، فلا مجال للتشبث بحديث الرفع لأجزأ الحج مع العامة، بل عليه الإعادة في القابل إن بقيت استطاعته إليه أو استطاع سابقا، وان كانت استطاعته في هذا العام كشف ذلك عن عدم تشريع وجوبالحج عليه فيه.
وثالثة: بما عن المحقق النائيني (قده) من اختصاص الحديث بالوجوديات، لان شأنه رفع الموجود اضطرارا أو إكراها، وتنزيله في صقع التشريع منزلة المعدوم، فالتكتف الواقع في الصلاة تقية، أو تناول المفطر نسيانا، أو إكراها في الصوم معدوم