نعم، لو كان دليلية الدليل من باب الظن الشخصي، لكان التنافي الحقيقي بينهما ممكن الوقوع، إذ لا مجال لافادتهما معا الظن الشخصي كما لا يخفى، لكنه خلاف الفرض.
وهذا التنافي المسامحي هو الذي ينطبق عليه التعارض حقيقة، فالتنافي منسوب إلى الدليلين بالمسامحة، والتعارض منسوب إليهما حقيقة، ولا منافاة كما لا يخفى.
الثالث انه تنافي الدليلين لكن لا بلحاظ تنافي مدلوليهما بل بلحاظ مقام الاثبات والدليلية فان كلا منهما يحاول اثبات ما ينافي ما يريد اثباته الآخر.
وينفى الاحتمال الأول بما أفاده بعض الأعاظم من أن التعارض انما يتحقق بين أمرين موجودين خارجا فيعارض أحدهما الآخر والمدلولان بذاتيهما لا يمكن وجودهما لتنافيهما فلا معنى لحصول التعارض بينهما فتأمل (1).
فيدور الامر بين الاحتمالين الآخرين.
ويمكن ان يقال في ترجيح الاحتمال الثالث ان المفهوم من لفظ التعارض عرفا هو المدافعة الحاصلة بين شيئين أو أشياء على شئ واحد بحيث تكون غاية كل منهما الحصول على ذلك الشئ.
وهذا للاحتمال الثالث أقرب منه إلى الاحتمال الثاني فان كلا من الدليلين - على الاحتمال الثالث - يحاول اثبات مضمونه وجعله حقيقة خارجية.
وليس على الاحتمال الثاني هذا المعنى إذ ليس هناك امر يدافع أحد الدليلين الاخر لغاية الحصول عليه.
هذا مع عدم تصور التنافي في مقام الدلالة والكشف بعد اعتبار الظن النوعي في الحجية لا الظن الشخصي وحمله على التنافي مسامحة وكون التنافي حقيقة بين ذات المدلولين خلاف الظاهر.