سابقا، مع ما عرفت حوله (1)، فلو كان الظلم ممنوعا شرعا، للزم ممنوعية المحرمات الكثيرة في الشرع مرتين: مرة لعناوينها الذاتية، ومرة لعنوان الظلم، فيكون القتل بغير حق وضرب اليتيم، ممنوعين بعناوينهما الذاتية، وممنوعين لأجل الظلم المنطبق عليهما.
وهذا - لمكان أن النسبة بين الظلم وذلك المحرم، عموم مطلق - لا يعقل تحريمه تأسيسا، كما عرفت في محله (2). مع أن الالتزام بتعدد العقاب (3) مما لا سبيل إليه.
وأما حديث التداخل (4) فهو غير معقول، لا في الشرعيات، أي على القول:
بأن العقاب شرعي وجعلي، لأن التداخل من الأمور القهرية. ولا على القول: بأن العقاب قهري وطبعي، لأن دار الآخرة دار التجزئة والتحليل بين الحيثيات، فيكون الغصب بما أنه غصب - لمكان كشف الشرع - مستتبعا لصورة مؤذية، وبما أنه ظلم كذلك. وعلى كل تقدير نعلم بالضرورة: أن ما يترتب على هذه المحرمات الشرعية، ليس إلا آثارها.
لا يقال: إن النسبة بين الظلم وبين المحرمات الشرعية، عموم من وجه لا مطلق، وما مر سابقا غير تام، لأن من المحرمات الشرعية ما ليس بظلم عقلا، وما قاله الأشعري (5) غير تام، ومن المحرم الشرعي المستكشف بحكم العقل، ما ليس بمحرم شرعي ثابت بالأدلة النقلية، فإن ظلم النفس بتحصيل الصفات المذمومة، ليس مورد التحريم الشرعي ظاهرا، وعلى هذا لا منع من تأسيس الإرادتين.