لأنا نقول: ما مر سابقا كان بيانا لتوضيح أن النسبة بين الظلم والمحرمات، عموم وخصوص مطلق، وأن الظلم كان أخص، لأنه في كل مورد يكون ظلم يكون محرما بعناوين خاصة، ولا عكس، ويقتضي هذا البيان أن يكون الظلم أعم، ولا يجوز ملاحظة المحرمات الشرعية بعناوينها الكلية مع الظلم، بل يلاحظ النسبة بين الظلم والغصب مثلا، فيكون الغصب أخص، ويلزم عدم حرمته إما رأسا، أو حرمته ثانيا، وكلاهما غير ممكن الالتزام به، كما لا يخفى.
فتحصل إلى هنا: أن طريق تحريم التجري بما هو تجر، مسدود جدا.
كما تبين: أن طريق القول باستحقاق العقوبة على جميع تقادير الاستحقاق، ممنوع قطعا.
وتبين أيضا: أن التجري لو كان قبيحا، فهو لأجل الحيثية الأخرى، وهي الظلم.
وتحصل فيما مر: أن ما اشتهر " من قبح الظلم ذاتا " (1) غير تام. نعم كثيرا ما يدرك العقل - وراء إدراك الظلم - قبحه، فاغتنم.
وتبين أيضا: أن قاعدة الملازمة لا أساس لها، لا على الوجه المحرر في " الفصول " مستدلا بالوجوه الستة المنتهية إلى التفصيل بين الملازمة الواقعية فأنكرها، والظاهرية فأثبتها (2)، ولا على ما اعتقده بعض الأصوليين، خلطا بين عنوان القبيح بالذات وهو الظلم، وبين ما هو القبيح بالعرض، كالكذب المضر وغيره (3)، فلاحظ وتدبر فيما أوضحناه، حتى يتبين لك مصب القاعدة أولا، وعدم تماميتها ثانيا.