وأما إذا لم تكن إرادة في البين، فإن قلنا: بأن تبعات العقاب أعم من الأفعال والصفات، كما يظهر من طائفة من الأخبار (1)، فيثبت به عموم المدعى، لأن المتجري والعاصي مشتركان في سوء السريرة وخبث الباطن.
وتوهم: أن هذه الأمور ليست اختيارية، فلو كانت مستتبعة يلزم العقاب على أمر غير اختياري (2)، في غير محله، لما أشير إليه: من أنها كلها قابلة للزوال، إلا أن زوالها يحتاج إلى الجد والاجتهاد، والعزم والتصميم، والاستعانة بالله العزيز، ومرافقة الأبرار والأخيار، وعلى هذا يجوز للشرع تحريمها، وإيجاب إزالتها.
ولكن الشأن أن علية هذه الأمور للتبعات ممنوعة، بل هي معدات ربما تمنع من تأثيرها الأفعال الاخر الخيرة، كالصوم، والصلاة، وأمثالها، فلا وجه لما اشتهر:
" من أن القبيح يستلزم العقوبة، ويستتبع الصور المؤذية وغير الملائمة " (3) إلا على وجه الإعداد.
نعم، يبقى شئ: وهو أن احتمال الاستتباع، يكفي لدرك العقل لزوم القيام بهدم بنيان سوء السريرة، وخبث الباطن، المنتهي إلى العصيان والطغيان، والتجري والكفران (4).
وفيه: أن من سكوت الشرع الأقدس، بل ومن رفع الحسد في حديث الرفع (5)، يستكشف أن هذه الصفات المذمومة والقبيحة، لا تستتبع شيئا إذا لم تنجر