" تهذيب الأصول " و " الدرر " (1).
وبالجملة: للمولى التصريح بحرمة العصيان الأول، لا عصيان النهي المتعلق بالعصيان على نعت الانحلال، وهكذا في باب التجري، فلا تخلط. فإمكان تحريم التجري مما لا مناقشة فيه، وإنما المناقشة في دليله إثباتا.
إن قلت: لا يعقل تحريم التجري بما هو هو، لما لا يتمكن المولى من زجر العبد عنه، ضرورة أن العبد - حسب اعتقاده - يرى نفسه عاصيا، فلا يبقى مورد لأن ينزجر عن النهي المزبور (2).
ولأجل هذه الشبهة وبعض ما مر التزم في " الدرر " و " تهذيب الأصول " بامتناع قبول عنوان التجري للتحريم الشرعي، سواء فيه التحريم حسب الدليل النقلي، أو العقلي (3).
قلت: قد عرفت فيما مر عمومية محل النزاع في مسألة التجري، وأن مخالفة سائر الطرق والأمارات تكون من التجري (4)، ولا شبهة في أن المتخلف عنها يحتمل تجريه وعصيانه معا، فتحريمه ممكن بالنسبة إليها.
ثم بعد إمكان ترشح الإرادة القانونية بالنسبة إلى التجري في موارد الطرق والأمارات، يمكن أن تكون الحرمة فعلية في موارد القطع أيضا، لما تحرر منا في محله: من إمكان فعلية الحكم بالنسبة إلى الغافل في مجموع عمره، وهكذا العاجز وغيرهما (5)، ويكون التجري في موارد القطع محرما شرعا أيضا، وتصح العقوبة على التخلف عن الواقع، وهو حرمة التجري بلا عذر عند العقلاء، كما ترى.