وأما لزوم اجتماع المثلين، فهو كلزوم اجتماع الضدين، وقد تحرر في محله، أن هذه الأمور لا تسري إلى الأحكام التي لا خارجية لها إلا بالاعتبار، كالحجية، والوجوب، والحرمة (1).
وبالجملة: لو سلمنا حجية القطع، فهي ليست ذاتية اصطلاحية، بل هي كلازم الماهية لا ينفك عنها، مع عدم انتزاعها من صراح ذاتها، فلا تكون خارجية، كالإمكان والوجوب من المواد الثلاث، فجعل الحجية له لا يستلزم اجتماع المثلين، الممنوع عقلا في مثل اجتماع المصداقين للبياض في موضوع واحد. هذا كله لو كان المجعول عنوان " الحجية " التي يكون مصبها القطع طبعا.
وأخرى: يكون المجعول حكما تكليفيا، كما إذا أوجب موافقة القطع، فإنه أيضا لا يستلزم محذورا ولو كان مورد التكليف القطع المتعلق بالحكم الوجوبي، فضلا عن القطع المتعلق بالأعم منه والاستحبابي، فإنه في الفرض الأول يلزم من إطاعة أمر الصلاة - إذا كان مقطوعا به - موافقة الأمرين، كما لو نذر فعل الصلاة الواجبة، ومن مخالفة أمر الصلاة مخالفة الأمرين.
وفي الفرض الثاني يلزم في صورة المخالفة عصيان الأمر الواحد، كما هو الواضح.
وأما لو كان مصب الإيجاب المزبور إطاعة الأمر المقطوع به، فربما يقال: بأن ذلك من اللغو، لأن المكلف إما ينبعث من أمر الصلاة، أو لا ينبعث، فإن انبعث فلا حاجة إلى الأمر الثاني، وإن لم ينبعث فلا داعوية له أيضا، فيكون الأمر الثاني لغوا على كل تقدير (2).
وفيه أولا: أنه إشكال لا يختص بالقطع، لاشتراك سائر الطرق معه