غير تام، ولكن المولى ليس غرضه من الإيجاب المزبور، التوصل إلى أن يكون الأمر باعثه، كما لا يمكن ذلك في سائر القوانين بالنسبة إلى الغافل وغيره، ولكن يمكن أن يكون النظر في هذا التقنين العام في مورد الغافل على الدوام، أن لا يكون الغافل على حجة بالنسبة إليه، بل يكون محجوجا بعدما لم تكن الغفلة المطلقة عذرا.
وأما فيما نحن فيه، فالعبد القاطع بحرمة الخمر إما يمتثل نهيه، أو لا يمتثل:
فإن امتثل نهيه فله أجر وثواب ترك المنهي، وله أن يعتذر في مخالفة الإيجاب المزبور. ولو امتثل وخالف قطعه الواقع فيمكن أن لا يكون قطعه عذرا، لحصوله من السبب الخاص، فيكون الإيجاب المزبور حجة عليه، ويستحق العقوبة، وهذا المقدار كاف لأن تترشح الإرادة الجدية في مرحلة الجعل على نحو التقنين، كما عرفت في الغافل آنفا.
ولو خالف قطعه وشرب الخمر مثلا، استحق المثوبة على الواجب التوصلي، فإن كان قطعه عند المخالفة مطابقا للواقع، فلا يكون معذورا، لأن مخالفته للقطع كانت مستندة إلى ميله، لا إلى حجة، ولو كان مخالفا للواقع يكون متجريا.
فبالجملة تحصل: أن الأحكام ربما تكون فعلية بالنسبة إلى أشخاص، مع عدم كونهم مطلعين عليها طول العمر، كما في الجاهل المركب المقصر، والغافل، والساهي، والعاجز، ولا يتوسل المولى إلى بعثهم إلى مأموله، ولكنها مع ذلك فعليات.
وكذلك الأمر المتعلق بإيجاب مخالفة القطع، فإنه بالنسبة إلى المجموع من المكلفين مؤثر، لما أن كثيرا من القطع والعلوم متعلقة بالمسائل العرفية التي لا محذور في مخالفة القطع فيها، فإن العقلاء يخالفون قطعهم بمنافع كثيرة في المحرمات. فهذا الإيجاب الكلي ليس لغوا، فإطلاقه بالنسبة إلى القطع المتعلق