العمل بغير العلم، ولا التقول بغير العلم، لأنه من الشبهة الموضوعية لنفس تلك الأدلة إن قلنا: بأن أدلة حجية الأمارات والأصول، حاكمة على تلك الأدلة، كما هو خيرة الأكثر في خصوص الأمارات، وفي مثل الاستصحاب (1).
أو من الشبهة المصداقية إن قلنا: بأنها مخصصة لها (2)، ضرورة أن العمل بتلك الحجج والتقول على طبقها، جائز كما مر (3)، فتكون مخصصة لأدلة المنع، وإذا شك في حجية شئ، يكون من الشبهة المصداقية لتلك الإطلاقات، ومن الشبهة الموضوعية لدليل المخصص. ومن قبيل الأول لو قلنا: بورود أدلة الحجية على تلك الأدلة، لأن المراد من " العلم " فيها هو الحجة.
وعلى كل تقدير: لا يصلح لتحريم العمل والقول تلك الأدلة المانعة، فما في " الرسائل ": من تحريم العمل والتعبد بمجرد الشك (4)، غير صحيح حسب الصناعة.
قلت أولا: إن المراد من " العمل بغير العلم " و " القول بغير الحجة " هو العمل حال الشك، والقول حال الشك والجهل بالحجية، فإن من السنة ما في الخبر: " رجل قضى بالحق وهو لا يعلم " (5) فتكون تلك الأدلة المانعة متعرضة لحال الشك والجهالة، لا لأمر وعنوان يكون له الواقع المتصور فيه الحالان: الواقعي، والمشكوك فيه، حتى تندرج المسألة في معركة التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية، أو المصداقية.
ومما يشهد لذلك: تمسكهم في هذا المقام بالعقل المدرك لقبح التشريع الذي هو في حال الجهالة، أو العلم بالخلاف.