مشكوك الحجية من غير الحاجة إلى الإحراز الواقعي، وأما حرمة التعبد بمشكوك الحجية، فهي مسألة أخرى في محل آخر لا تليق بالمقام، وما استدل به من الأدلة الأربعة (1) ممنوع، وقد مر شطر من الكلام حوله في المقام السابق (2)، وتفصيله في مباحث الاجتهاد والتقليد.
ثم إنه يتوجه إليه (قدس سره) أولا: نقض بأن كفاية الشك لانتفاء الآثار، أو لترتب الحرمة، كما يقتضي عدم جواز التمسك بالاستصحاب، إذ لا أثر لإحراز الواقع به، كذلك يقتضي عدم جواز التعبد بالامارة القائمة على عدم حجية المشكوك.
وما قيل: " إن قيام الأمارة رافع الموضوع، وهو الشك في الحجية، بخلاف الاستصحاب " (3) غير تام، لما تحرر أن رافعيتها للموضوع، فرع ثبوت أن الشرع تمم جهة الكشف، وألغى احتمال الخلاف، وادعى أن الطرق والأمارات علم، وقد تحرر مرارا فساد هذه المقالات طرا، ولا يكون في الآثار الواصلة منه أثر أصلا، فالشك في الحجية موجود، وليس ملغى في نظر الشارع، فالتعبد بالأمارة أيضا لغو، لما لا أثر فيه، كما لا يخفى.
نعم، يمكن أن يقال: إن نظره (قدس سره) إلى أن الشك الذي هو تمام الموضوع، هو الشك بعد الفحص، وإلا فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب، ولا يكون الشك قبل الفحص تمام الموضوع بالضرورة، فعلى هذا إذا فحص عن الأدلة، ووجدت الأمارة على عدم حجية القياس مثلا، فلا يكون هذا الشك تمام الموضوع، لأن من قيوده