أما الكتاب: فبآيات أظهرها قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (1).
وفيه: إن نفي التعذيب قبل إتمام الحجة ببعث الرسل لعله كان منة منه تعالى على عباده، مع استحقاقهم لذلك، ولو سلم اعتراف الخصم بالملازمة بين الاستحقاق والفعلية، لما صح الاستدلال بها إلا جدلا، مع وضوح منعه، ضرورة أن ما شك في وجوبه أو حرمته ليس عنده بأعظم مما علم بحكمه، وليس حال الوعيد بالعذاب فيه إلا كالوعيد به فيه، فافهم.
وأما السنة: فبروايات (2) منها: حديث الرفع (3)، حيث عد (ما لا يعلمون) من التسعة المرفوعة فيه، فالالزام المجهول مما لا يعلمون، فهو مرفوع فعلا وإن كان ثابتا واقعا، فلا مؤاخذة عليه قطعا.
لا يقال: ليست المؤاخذة من الآثار الشرعية، كي ترتفع بارتفاع التكليف المجهول ظاهرا، فلا دلالة له على ارتفاعها (4).
فإنه يقال: إنها وإن لم تكن بنفسها أثرا شرعيا، إلا أنها مما يترتب عليه بتوسيط ما هو أثره وباقتضائه، من إيجاب الاحتياط شرعا، فالدليل على رفعه دليل على عدم إيجابه المستتبع لعدم استحقاقه العقوبة على مخالفته.
لا يقال: لا يكاد يكون إيجابه مستتبعا لاستحقاقها على مخالفة التكليف