بناءات عادية حصلت أحيانا في الزمن الأول، لأجل الكشف الغالبي، وأما اليوم فهو مجرد بناء، وهكذا في عصر الأئمة (عليهم السلام) ولكن مع ذلك فبناؤهم على الإفتاء والإخبار والتدين، وهذا يكفي لحل هذه العويصة جدا.
وأما ما قد يقال: بأن المحرم في باب الإفتاء هو الإفتاء بغير علم، وفي باب الإخبار والإسناد هو الإخبار بلا حجة، وهكذا في مسألة التدين والتعبد، وإذا كانت الطرق حجة شرعية ممضاة، تكون حاكمة على الأدلة الناهية عن القول بغير علم، ضرورة أن " العلم " المأخوذ في الأدلة هو الحجة، كما تحرر في محله (1)، والقول أيضا أعم من الإفتاء وغيره، فهو متين، ولكنه لا يتم إلا في مسألة الإفتاء بغير علم، وأما الإخبار بغير حجة وعلم، أو التدين بدونه، فلم يوجد منه أثر في الآثار.
ودعوى: أن " القول بغير علم " يشمل الإخبار، غير مسموعة، لأن المراد من ذلك هو الإفتاء بغير علم، لا التقولات اليومية السوقية، فإنه لو كان محرما، فلا بد من أن يكون لأجل دليل آخر، كما تحرر في محله (2).
فعلى كل تقدير: إنكار هذه الآثار بالنسبة إلى الطرق والأمارات، من قبيل إنكار الضروري. وأما عد الانقياد من آثار الحجية، فهو بمعزل عن التحقيق.
نعم، لا بأس بعد التجري منها، لاحتمال كون عنوانه أو الفعل، محرما مثلا، وإلا فحسب التحقيق لا أثر له أيضا، كما لا يخفى، والأمر سهل، فما في " تهذيب الأصول " (3) و " الكفاية " (4) لا ينجو عن المناقشة، والله هو المستعان.