وما اشتهر: " من أن الشرع تدخل فيها بإتمام كشفها، وإلغاء احتمال الخلاف فيها " (1) ودعوى " هو هوية مؤداها مع الواقع " (2) ودعوى " أنها العلم " و " أنها العلم النظامي " وغير ذلك من العبارات التي يغتر بها الفضلاء، فضلا عن المحصلين، كله فاسد جدا.
فلا معنى لتجويز الإفتاء والإخبار - وغير ذلك من الآثار الواضحة عندهم - إلا مع الدليل، فما يجوز الإخبار عنه هو الإخبار عن تمامية الحجة، والإفتاء بتماميتها، والإتيان بمؤداها، حذرا من الخلاف والمخالفة، من دون أن يتعبد بمؤداها، ويتدين بمضامينها عملا.
وهذا من غير فرق بين أقسام الأمارات، فكما لا يجوز ذلك كله بالنسبة إلى مؤدى مظنون الصدور، كذلك لا يصح بالنسبة إلى مقطوع الصدور ومظنون الدلالة.
نعم، لمن حصل القطع بالحكم يجوز ذلك كله، بناء على امتناع الردع عنه، وعدم احتياجه إلى الإمضاء في الحجية، كما هو مرام الكل، إلا ما عرفت منا في محله (3).
وبالجملة: لا تلازم بين الحجية وبين هذه الآثار، لأجل ما أشرنا إليه.
وأما إنكار الملازمة بينهما، لأجل ما في " الكفاية ": من أن الظن على الحكومة حجة، ولا يترتب عليه الآثار (4)، أو لأجل أن الاحتمال قبل الفحص حجة، ولا يترتب عليه ذلك، فهو - مضافا إلى مناقشة في المثال الأول - أن ما ليس بحجة، هل يلازم انتفاء الآثار ولو لم تكن الحجة ملازمة لها، أم لا؟ وما هو النافع هو الأول،