فبالجملة: تحصل في محله أن الحجة بالحمل الأولي، ليست واسطة في الإثبات، ولا متكررة بين الصغرى والكبرى، بل الحجة هي المعنى المتكرر بالحمل الشائع، الذي به يثبت الأكبر للأصغر (1)، وهذا أمر واحد شائع في جميع العلوم الحقيقية والاعتبارية.
وأما حمل " الحجة " على الأمارات العقلائية، فهو أيضا يرجع إلى توسطها - بالحمل الشائع - لإثبات الواقعيات وتنجيزها، أو تعذير العباد. ومجرد إمكان تشكيل الشكل الأول بقولنا: " هذا ظاهر، والظاهر حجة، فهو حجة " لا ينفع، بل النافع إثبات أن ما قام عليه الظاهر، هو الواجب أخذه، والواجب اتباعه عقلا، ووجوب الجمعة يكون كذلك بعد قيام خبر الثقة والظاهر عليه، والأمر - بعد ذلك كله - سهل، وتفصيله في محله (2).
وبالجملة: ربما يتشكل الشكل الأول، وتتم الحجة بالحمل الشائع، ولا يتم القياس المشتمل عليها بالحمل الأولي، مثلا يقال: " وجوب الجمعة محتمل بالاحتمال قبل الفحص، وكل محتمل بهذا الاحتمال متنجز وواجب اتباعه، فوجوب الجمعة متنجز " ولا يقال نظيره على وجه تكون الكبرى هكذا: " وكل احتمال حجة " فتأمل.
إذا تبين معنى " الحجية " والمراد بها هنا، يظهر أن الشك فيها إن كان بعد الفحص وعدم الظفر بها، فلازمه القطع بعدم تمامية الحجة من المولى على العبد، وتمامية حجة العبد على المولى، فيعلم منه: أن الشك يساوق القطع بالعدم في الجملة، كما أشرنا إليه (3).
وأما الشك فيها قبل الفحص - مثلا إذا شك في حجية إخبار ذي اليد بالقبلة،