أو النجاسة والطهارة، أو شك في حجية قول اللغوي - فلا يكون يساوق القطع بالعدم، وإلا لانسد باب المراجعة.
فمن هنا يظهر: أن " الحجية " كسائر العناوين النوعية، تكون ذات أحوال ثلاثة: حالة العلم بها، وحالة العلم بعدمها، وحالة الشك فيها، وليست مثل الشك واليقين، حتى لا يتصور الحالة الثالثة بالنسبة إليهما، حتى يكون الشك فيهما عين العلم بعدمهما.
إن قلت: الشك قبل الفحص والاحتمال قبل المراجعة، ينجز الواقع، فالشك في الحجية يساوق في هذه الصورة القطع بإتمام الحجة، ولا أثر للوجود الواقعي للأمارة القائمة على حجية قول اللغوي وغيره، فلا حالة ثالثة.
قلنا: نعم، هذا الاحتمال ينجز الواقع، ولذلك لو كان يظفر بأمارة خاطئة، لا يصح التمسك بها، ويصح العقاب على الواقع، ولكن ذلك لا ينافي الشك في الحجية، والشك في أن خبر ذي اليد، حجة شرعا، أم لا، بحيث لو ظفر به أحد يصح الأخذ به، ويتم الاحتجاج به.
فتحصل لحد الآن: أن ما اشتهر من تساوق الشك في الحجية مع القطع بعدم الحجية، غير صحيح إلا في الجملة، وعندئذ يصح أن يتمسك بالأصل، ويحرر على عدم الحجية، بوجه يخرج عنه بالدليل، ولا يكون لازمه الردع عن القطع، كما لا يخفى، فتأمل.
هذا مع أنه لو قلنا: بأن الشك في الحجية، يساوق القطع بعدم الحجية حتى في صورة الشك فيها قبل الفحص، فلا يمنع ذلك من تجويز الخروج عنها بالدليل، لأنه عند قيام الدليل يرتفع الموضوع، وهو الشك في الحجية، وكأنه يصير من قبيل التصرف في المقطوع، لا القطع، ويصير الاستثناء منقطعا، وتصبح النتيجة هكذا: إن الشك في الحجية يساوق القطع بعدمها، وفي مورد قول اللغوي لاشك في حجيته،