وثانيا: قد تحرر منا: أن قربية العمل، لا تنحصر بالانبعاث عن البعث، بل يكفي لها إتيان العمل بالأغراض الشرعية، والجهات الحسنة، وتطبيق تلك العناوين عليها (1).
وما قد يقال بالانحصار (2)، يكون في الضعف مثل قول من يقول: بأن الأمر ليس إلا موضوعا للطاعة، كما عن الأستاذ البروجردي (قدس سره) (3) فإن القول الفصل هو الرأي الوسط، فربما يكون القرب حاصلا من الانبعاث عن البعث، كما في صورة الغفلة عن كثير من الدواعي، أو في بعض الحالات الخاصة، وربما يأتي العمل القربى وإن لم يكن أمر، بل يكون الأمر وجوده وعدمه عنده سيين، ولذلك يقع العمل القربى صحيحا ولو كان جاهلا بالأمر، أو معتقدا بأن أوامر الله تعالى ليست إلا ألطافا في الواجبات العقلية، فاغتنم وتدبر جيدا.
وثالثا: لا يكون في صورة دوران الأمر بين المتباينين، انبعاث عن احتمال البعث، وإلا لانبعث في الشبهة البدوية، فمنه يعلم: أنه أيضا انبعاث عن البعث، إلا أنه إجمالي لا تفصيلي، فلا تخلط.
وأما توهم: أن الانبعاث عن احتمال البعث أطوع، فهو من الخلط بين الطاعة، وبين حسن ذات العبد، وكمال إخلاصه، وفنائه في الرب، فما هو المقوم لمفهوم " الطاعة " لا يقبل الاشتداد والضعف، وما هو يقبل ذلك هي الصفات النفسانية، فما في " التهذيب " وغيره هنا (4)، غير وجيه، والأمر سهل.