التعارض بين العام والمفهوم لا يتعين حكم المنطوق، فلو ألزمنا القواعد تقديم العام على المفهوم، لقدمناه على المفهوم والمنطوق بلا تصور مانع فتذكر هذا: ولو كان التعارض بين المنطوق والعام أيضا ولكن كان النسبة عموما من وجه فيعامل معاملتهما، ومع تقديمه على العام بحسب القواعد أو القرائن يقدم المفهوم أيضا لما عرفت.
المقام الثاني في المفهوم المخالف، وظاهر عناوين القوم يعطى ان النزاع فيما إذا فرغنا عن اشتمال القضية على المفهوم كما فرغنا عن وجود عام مخالف للمفهوم سواء كان النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا نحو قولك أكرم العلماء، و إذا جائك زيد لا تهن فساق العلماء أم كانت عموما من وجه كما إذا قلت أكرم العلماء - وان جائك زيد أكرم الفساق - ولعل جعل محط البحث أعم، لأجل ان اقوائية عموم العام يضعف ظهور اشتمال القضية على المفهوم وإن كان المفهوم أخص مطلق منه، وهذا لا ينافي اشتمال القضية في حد ذاتها على المفهوم (هذا) ويظهر من شيخنا العلامة أعلى الله مقامه، وبعض الأساطين ان البحث هنا عند القدماء هو البحث في باب الاطلاق والتقييد، والكلام في تخصيص العام بالمفهوم، مرجعه عندهم إلى تقييد العام بالقيد المذكور في القضية ومثل له بقوله عليه السلام خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ وقوله عليه السلام إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شئ، فان الأول يدل على أن تمام الموضوع للاعتصام هو نفس الماء، ودل الثاني على أن للكرية دخلا فيه فآل التعارض إلى تعارض الاطلاق والتقييد، فيحكم القيد على الاطلاق، و (لكن) هذا خروج عن عنوان للبحث الدائر بلا دليل وكيف كان فالنسبة بينهما (تارة) تكون عموما مطلقا و (أخرى) عموما من وجه وعلى أي تقدير ربما يقعان في كلام واحد متصل وقد يقعان في كلامين منفصلين، وخلاصة الكلام هو ان النزاع في تقديم العام على المفهوم المخالف أو في عكسه انما هو إذا لم يعارض العام نفس المنطوق.
(فح) إذا كانت دلالة القضية على المفهوم بالدلالة الوضعية مثل دلالة العام على عمومه، فلا محالة يقع التعارض بين الظاهرين، فمع عدم