الزمان وعجائب الدوران، فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان " (1) وذلك لأن مما قرع سمعنا التعبد بالأمارات والطرق والأصول، فما دام لم يزدنا البرهان قائما، يكون التعبد بها ثابتا، ضرورة أن رفع اليد عن أدلة اعتبارها مع الشك في الإمكان، غير جائز، ولا طريق لنا إلى إثبات الإمكان الوقوعي، كما عرفت، فيكون المراد من " الإمكان " هو الاحتمال.
والمخالف لقيام المحاذير العقلية، أنكر الإمكان، ونحن - لرفع تلك المحاذير - لا نتمكن من طرح الأدلة بشهادة العقل والعرف (2)، انتهى محصل مرامه - مد ظله - بتصرفات منا.
أقول: ما هو مورد كلام المتأخرين، هو أن المراد من " الإمكان " ماذا؟ أي ما هو المراد من " الإمكان " المأخوذ في العنوان المطرح للأنظار المختلفة؟.
فعلى هذا يصح حمله على الاحتمال، وأن يقال: هل يحتمل وقوع التعبد، أم لا يحتمل وقوع التعبد؟ فان أقيم البرهان على عدم صحة الاحتمال بإثبات الامتناع فهو، وإلا فالاحتمال باق على حاله، فإذا وجدنا الدليل على وقوع التعبد، لا يجوز طرحه.
وهذا أحسن مما في " التهذيب " لما فيه من الاجمال والمناقشة، ولا معنى لرفع اليد عن العنوان المعروف إلى ما جعله عنوانا.
ومن هنا يظهر: أن حمل " الإمكان " على الإمكان الوقوعي، ثم لأجل سد الطريق إلى إثباته نتمسك بالإمكان العرفي، بلا وجه.
مع أنه لا معنى له إلا بدعوى: أن العرف يحكم بالإمكان الوقوعي، وهذا غير واضح، لأن العقلاء يعملون على حسبما يحتاجون إليه، ويحتجون بما عندهم من